ثوابت القضية الفلسطينية
لعل المتابع لمفردات القضية الفلسطينية الداخلية في غزة بالتحديد ، والخارجية على الأصعدة المختلفة لعله يقف للوهلة الأولى متعجبًا أو متشككًا تحدثه نفسه بمراجعة ثوابت القضية لديه تحت وطأة المشاعر الجياشة والتي كانت بالأمس تحدد الأطر العامة لتصوره للقضية وما ترتب على ذلك من بذل وعمل وتضحية مع تشوف النفس وتشوقها إلى أن ترى تحرير الأرض وتطهير المقدسات وعودة الحقوق إلى أصحابها اليوم قبل الغد ، ولعل هذه الحالة من الاضطراب الشعوري تزداد في ظل قيام الإعلام العميل بتشويه معالم الأحداث وقلب الحقائق وتزييف الواقع وذلك برسم عدة مفردات للصورة تشكل في النهاية العامل الأقوى في دعم الأجندة الصهيوأمريكية في المنطقة برمتها وليس في فلسطين وحدها ، فكان لزامًا لمن أراد مراجعة ثوابت القضية لديه أن يراجعها من منطلقات علمية محكمة لا من منطلقات شعورية حالمة وبخاصة وقد اتسمت أحداث القضية في الداخل والخارج بشيء من الهدوء النسبي والاستقرار الحذر فعلى الصعيد الداخلي في غزة استقرت الأوضاع بعد لفظت غزة على يد كتائب القسام الانقلابيين المنتسبين إلى فتح وافتضاح أمر عمالتهم بوثائق ومستندات لا تقبل الجدل ، كما تغيرت أوراق اللعبة على مائدة القمة الرباعية المنعقدة آنفًا في شرم الشيخ بدعوة الرئيس المصري أطراف الأزمة إلى الحوار والتصريح بأن القضية لن يحدث لها تقدم منشود إلا على مائدة الحوار البناء مع التأكيد على أن القمة ليست لإدانة أحد الطرفين على حساب الآخر وصحب ذلك كله تراجع نسبي عن حملات التوجيه الإعلامي التي مارستها الفضائيات العربية لاسيما الحكومية منها وبخاصة فضائية فلسطين التابعة لعصابة دحلان ، فكان لزامًا على العقلية العربية و الإسلامية أن تحسن قراءة الواقع واسترجاع التاريخ واستشراف المستقبل لتستطيع تكوين صورة متكاملة العناصر واقعية الأبعاد ممتدة الجذور ، وأول ملامح هذا التصور الحديث عن عدة منطلقات تمثل ثوابت القضية غير القابلة للتنازل الفكري أو المساومة الشعورية مهما اضطربت الأحداث أو تغيرت الموازين ، ومن هذه الثوابت :
البعد الإيماني
لقد قرن الله تعالى في كتابه الكريم بين المسجدين الحرام والأقصى وربط بينهما برباط برباط قدسي خالد (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) الإسراء1 ولم تتوقف الآية عند الربط بين المسجدين وإثبات العلاقة بينهما ولكنها أثبتت للمسجد الأقصى وما حوله من الأرض كرامة وفضلاً وذلك بمباركة المولى سبحانه وتعالى لها فاكتسبت بذلك أرض فلسطين وصفًا خاصًا بها تشبه فيه أرض الحرمين الشريفين بكونها وقفًا للمسلمين ليس من حق أفرادهم أو زعمائهم وليس من حقهم لو اجتمعوا عن بكرة أبيهم أن يفرطوا في شبر واحد منها وفتاوى العلماء في ذلك تصل إلى درجة الإجماع ولقد وسم القرآن الكريم أرض فلسطين والتي كانت مهبط الوحي ومستقر الأنبياء ومعبر الرسل وسمها بالقدسية
البعد التاريخي
ويمثل البعد التاريخي للقضية ثابتًا أصيلاً لا يمكن تجاوزه فهو يعبر عن وحدة الأرض ووحدة التاريخ ووحدة التهديدات ، فكانت أرض فلسطين جزءاً لا يتجزء من بلاد الشام لم تعرف الانفصال عنها إلا بفعل المستعمر البغيض وكانت وستظل عمقًا استراتيجيًا لمصر بصفة خاصة ولإفريقيا بصفة عامة فهي البوابة الشرقية التي حرصت الدول القديمة في مصر وشمال أفريقيا على تأمينه وحمايته ، كما أن التهديدات المشتركة التي تواجه دول المنطقة وتتسع أحيانًا لتشمل العديد من دول العالم متمثلة في الإطماع الصهيونية في المنطقة بتكوين دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات كما تشهد بذلك الخارطة التي ما زالت تحتل الصدارة في مبنى الكنيست الإسرائيلي فوق المنصة والتي وقف عليها الرئيس السادات من قبل مستجديًا السلام غير ملتفت إلى طوفان من الأطماع لا عاصم منه إلا الله ، وتتسع هذه الأطماع كما ذكرت بروتوكولات حكمائهم وشهد على ذلك الواقع من فرض للهيمنة والسيطرة على مقاليد الأمور ومراكز اتخاذ القرار في العالم بأسره .
وهذا ثابت لا ينازع فيه منازع ولا ينكره منكر يستلزم منا جميعًا أن تتضافر جهودنا وتتحد أيدينا إذا كنا حقًا نريد الخير والصلاح وإحقاق الحق ودحض الباطل أما المتاجرون بالقضية من المرتزقة والخونة والعملاء فدائمًا لهم حسابات أخر .
البعد الإنساني
وهو بعد يعد من ثوابت القضية الفلسطينية بصفة خاصة ولقضايا الصراع في العالم بصفة عامة وهو أن القضية الفلسطينية على مدار عقود متتالية أفرزت صورًا من الظلم لا يمكن لذي ضمير أن يتجاوزها تمثلت في ستة ملايين لاجئ ،وآلاف السجناء ، كما تتمثل في شلال دفاق لا يكاد يتوقف من الدماء الزكية التي تصرخ فينا طالبة الثأر من السفاحين ، آلاف اليتامى فقدوا أسرهم لطالما تحرك ضمير العالم من أجل محمد الدرة أو إيمان حجو أو الطفلة هدى التي فقدت أسرتها على شاطئ غزة ولكن غيرهم الآلاف والآلاف تأتي دماؤهم يوم القيامة شاهدة على العدوان الهمجي والصمت العالمي ، ناهيك عن المقدسات التي انتهكت حرمتها إسلامية كانت أو حتى مسيحية بيد عدو دينه العدوان وعقيدته التخريب .
(وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً ) النساء 75.
فتلك ثوابت لا تتزعزع بمتغيرات الأحداث ، ولا تتغير باضطراب الموازين ، ولا تختل المباحثات ولكنها ترسم خطًا لا نحيد عنه وتوجد للقضية في قلوبنا مكانًا لا يتغير ومن تعاطفنا قدرًا لا يهتز ومن دعمنا عملاً لا يتراجع إلى أن يكتب الله لأمتنا أن ترى النصر حقيقة واقعة وواقعًا ملموسًا فنسجد جميعًا لله شاكرين في ساحة المسجد الأقصى ترفرف فوق رؤوسنا رايات الكرامة والعزة والنصر والتمكين بإذن من الله وفضله إنه ولي ذلك والقادر عليه .
خطر النفاق والمنافقين على الإسلام
الهدف العام :
فضح ممارسات بعض من رجال حركة فتح وإثبات تواطؤها مع الكيان الصهيوني والأمريكان للقضاء على المقاومة الإسلامية في فلسطين .
الأهداف الإجرائية والسلوكية ( عناصر الخطبة ) :
1. أن يعلم المستمع حقيقة النفاق ومعناه وأقسامه .
2. أن يعرف المستمع مظاهر واضحة تبين صفات المنافقين ، وينفر منها .
3. أن يتعرف على بعض مواقف حدثت من المنافقين على عهد النبي .
4. أن يعرف خطورة المنافقين على الإسلام والمسلمين .
5. أن يعرف عقوبة المنافقين في الدنيا والآخرة .
6. أن يبغض النفاق والمنافقين وينأى بنفسه عنهما .
7. أن يتعرف على ممارسات بعض عناصر حركة فتح ضد المقاومة ( بالأرقام والوثائق )
8. أن يقوم بدور إيجابي تجاه منافقي اليوم .
ملاحظات هامة :
لا تحول الخطبة إلى نشرة أخبار .
للخطيب الاختيار في كيفية عرض ممارسات حركة فتح ضد المقاومة ( عرضها كعنصر مستقل في الخطبة الثانية ، أو توزيعها على باقي عناصر الخطبة ، أو عرضها تفصيلاً بعد انتهاء الخطبة ) ولكن لا يهمل ذكرها أبداً في الخطبة حتى يعيش الناس هموم المسلمين وأحداث الساعة .
لاحظ الارتباط الوثيق في العديد من الآيات القرآنية الواردة في هذه المادة بين كل من المنافقين والكافرين والمشركين من حيث المبدأ والصفات والغاية والعقاب .
لابد من الإسقاط على الواقع في كل الآيات الواردة بهذه المادة .
المقدمة
النفاق والمنافقون أمر هام وداء عضال أصاب أمة الإسلام منذ فجر تاريخها و الآن ، فالله عز وجل هو خلقهم وهو أعلم بهم قال : وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ ( العنكبوت 11 ) ؛ لذلك جاءت آيات كثيرة في القرآن الكريم تتحدث عنهم ، وعن صفاتهم ، وتحذر المؤمنين منهم ، وتذكر عقابهم في الدنيا والآخرة ، كما أن الله عز وجل أنزل سورة كامل في القرآن باسم : ( المنافقون ) ، وفي ذلك دليل واضح على خطورة هذه الفئة وضرورة الحذر منها .
قال تعالى : فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ( البقرة 10 ) وفي هذه الآية إشارة إلى أن القلوب تمرض كما تمرض الأجساد ، ومن العجيب أن يهتم الإنسان بمرض الجسد الذي يبلى ، ويهمل مرض القلب الذي يبقى .
وقد يسأل سائل عن سبب الحديث الآن عن النفاق والمنافقين ؟ والجواب يركز على سببين ، هما :
1. حتى نضع أنفسنا على الميزان ، ونقف على حال أنفسنا وحال قلوبنا ، ونطهرها من النفاق ؛ لحديث النبي :" أربعٌ من كن فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلةٌ منهن ، كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر " ( رواه البخاري ومسلم ).
2. بسبب ما يحدث في فلسطين من أحداث لا ينبغي أن ننفك عنها ؛ وحتى نعلم من الذي يعمل بالإسلام وللإسلام ، ومن يضع يديه في أيدي أعدى أعداء الإسلام ويستقوي بهم على المؤمنين .
معنى النفاق
النفاق لغة مأخوذ من النفقاء ، وهو جحر اليربوع ومن عادة اليربوع عند بنائه لبيته أن يحفر له في الأرض حفرتين إحداهما مفتوحة والأخرى مغطاة بساتر ترابي فإذا داهمه الخطر دفع الغطاء الترابي برأسه فخرج .
واصطلاحاً : هو أن يظهر الإنسان غير ما يبطن .
والنفاق نوعان :
نفاق اعتقادي : وهو النفاق الأكبر ،ومعناه الكفر وهو أن يظهر العبد الإيمان بالله واليوم الآخر ويبطن غير ذلك .
نفاق سلوكي : وهو من أعظم الذنوب لحديث النبي " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، إذا اؤتمن خان " ( متفق عليه )
القرآن يفضح صفات المنافقين
قال تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ( النساء 61 )
وقال تعالى : فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ( النساء 88 )
وقال تعالى : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ( النساء 142 )
وقال تعالى : وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ( آل عمران 167 )
وقال تعالى : الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ( التوبة ( 67 )
وقال تعالى : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ . لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ . لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( التوبة 107 : 110 )
وقال تعالى : إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ . اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ . وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ . وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ( المنافقون 1 : 5 )
وقال تعالى : هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ . يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ( المنافقون 6 ، 7 ، 8 )
بعض مظاهر موالاة الكافرين
أولاً : النصرة لهم وبهم وربط المصير بمصيرهم :
يؤخذ هذا من قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ( الحشر 11 ) ويدخل تحت هذا النوع من الموالاة للكافرين أعمال كثير من السياسيين الذين يدافعون عن الكافرين والملحدين ، سواء كانوا أفراداً أم جماعات أم أحزاباً ، ويدخل في هذا النوع من مظاهر الولاء من انتسب إلى حزب يقوم على رابطة غير رابطة الإسلام ، ولا تتمثل فيه صفات حزب الله وأخلاقه وأهدافه ؛ وذلك لأن نظام الحزبية الآن يقوم على إعطاء الولاء الكامل للحزب وقيادته دون تردد ، وإن اختلف في مفاهيمه وتصوراته وأفكاره عن الإسلام .
وهناك وهم سائد بين الناس الذين أعطوا ولاءهم لتلك الأحزاب أنهم يكتفون بألا تتعارض شعارات الحزب مع مبادئ الإسلام ، وعدم تعارض شعارات أي حزب مع الإسلام فقط لا يكفي ؛ إذ العمل السياسي الصحيح في أي أمة يتطلب ألا يتعارض مع الإسلام ، وفي نفس الوقت عليه أن يتبنى مبادئ الإسلام وأن يعمل على إحياء قيمها ، وترسيخ معالمها حتى تصبح واقعاً عملياً يسود كل حياة المسلمين بكل الوسائل الممكنة والطاقات اللازمة مهما كانت التضحيات في سبيل ذلك .
ثانياً : الإيمان ببعض ما هم عليه من الكفر ، أو التحاكم إليهم دون كتاب الله :
قال تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا ( النساء 51 ) . وقد وقع كثير من المسلمين في هذا النوع من مظاهر الموالاة حيث ينادي الكثيرون ـ من يُحسبون على الإسلام ـ بالشيوعية أو العلمانية أو غيرها ؛ حيث يؤمنون ببعض ما هم عليه من فصل الدين عن الدولة وأنه لا علاقة للدين بالسياسة .
ثالثاً : المحبة والمودة لهم :
قال تعالى : لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( المجادلة 22 ) ، وقال : " المرء مع من أحب " ( متفق عليه ) ، وقال ابن مسعود " لو عبد الله بين الحجر والمقام سبعين عاماً لم يحشره الله إلا مع من أحب " فكونك تجد إنساناً عواطفه مع الكافرين ، ويميل إليهم ويحبهم ، فذلك من أعظم الولاء لهم ؛ فمن مال بقلبه إلى قوم يعملون المعاصي ورضي بأعمالهم كان منهم .
رابعاً : التشبه بهم :
قال : " من تشبه بقوم فهو منهم " ( رواه أحمد وأبو داود ) ، فمن تشبه برسول الله وحبه الكرام ؛ فقد والاهم وهو منهم ، ومن تشبه بالكافرين ؛ فقد والاهم .
خامساً : المجالسة لهم ولمن يحمل مبادئهم وهم يستهزئون بالإسلام ومبادئه :
قال تعالى : وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ( النساء 140 ). قال ابن جرير في قوله " إنكم إذا مثلهم " أي مثلهم إذا جالستم من يكفر بآيات الله ويستهزئ بها وأنتم تسمعون ؛ فأنتم مثلهم إن لم تقوموا عنهم في تلك الحال لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم ولأنتم تسمعون آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها ، وفي الآية دلالة واضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل .
سادساً : اتخاذهم بطانة من دون المؤمنين :
وبطانة الرجل هي خاصته ، تشبيهاً ببطانة الثوب التي تلي بطنه ، لأنهم يستنبطون أمره ويطلعون منه على ما لا يطلع عليه غيره ، قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ ( آل عمران 118 ) ، وقد نزلت هذه الآية في أناس من المؤمنين كانوايصافون المنافقين ويواصلون رجلاً من اليهود ، وقد بين القرآن العلة من النهي فقال : لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا فهم لا يقصرون في إيصال الخبال إليكم ثم إنهم يودون ما يشق عليكم من الضرر والهلاك .
سابعاً : الطاعة لهم فيما يشيرون به مما يتنافى مع قيم الإسلام ومبادئه :
قال تعالى : وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ( الكهف 28 ) و قال تعالى : وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ( الأنعام 121 ) ، يقول ابن كثير : ( وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ؛ حيث عدلتم عن أمر الله لكم وعن شرعه إلى قول غيره ؛ فقدمتم غيره فهذا هو الشرك كما قال سبحانه : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ( التوبة 31 ) .
ثامناً : البشاشة لهم والطلاقة وانشراح الصدر وإكرامهم وتقريبهم ومعاملتهم على ظلمهم والثناء عليهم وإطلاق الألقاب عليهم مثل السادة و ... :
فقد ورد نهي نبوي عن إطلاق لفظ السيد على الفاسق المعروف بفسقه ، فقد قال : " لا تقولوا للمنافق سيد ؛ فإن يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم عز وجل " .
تاسعاً الموالاة السلبية :
ونعني بها الصمت إزاء ما يفعله الكافرون والعصاة بالمسلمين ، فكأنه رضاً به ، والمسلم حينما يكون قادراً على نصرة المسلم بأي صورة من الصور التي يستطيعها ولا يفعل ؛ فإنه إنما يرتكب خطأين : الأول : التخلي عن نصرة أخيه المسلم في موقف يحتاج منه إلى نصرته ، والرسول قد حذر من ذلك ، والثاني إعانته للظالم الذي أهدر حق أخيه المسلم بصمته عما يفعله ، والرسول يقول : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله " ( رواه البخاري ومسلم ) .
خطورة المنافقين على الإسلام والمسلمين
أولاً : أن عداوته باطنة غير معلومة للمؤمنين :
فهو أشد خطراً على الإسلام من الأعداء ، قال تعالى : وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ( البقرة 14 ) ، فكما قال أحد الحكماء : ( إذا لقيته وجدت منه لساناً أحلى من العسل ، وقلبه أسود من قلب أبي جهل ) .
ثانياً : لأنه يوهن من قوة المسلمين ويفت عضدهم :
ففي أخطر لحظات الدعوة الإسلامية وأدق المراحل التي واجهت فيها أعداءها الخارجيين كان حزب النفاق بالمرصاد لهذه الدعوة في صف أعدائها، ففي غزوة أحد عندما حشدت قريش ثلاثة آلاف مقاتل بكامل الإعداد والعتاد وكان جيش المسلمين لا يزيد على ألف مقاتل وفي موقف دفاع، وبينما كان الفريقان يستعدان للنـزال في معركة فاصلة إذا بزعيم النفاق ينخذل عن جيش المسلمين بثلاثمائة من قومه ليعود للقعود في المدينة، يصور القرآن هذا المشهد ويحكي هذا التصرف في معرض حديثه عن هذه الغزوة وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقّ ظَنَّ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلاْمْرِ مِن شَىْء قُلْ إِنَّ ٱلاْمْرَ كُلَّهُ للَّهِ يُخْفُونَ فِى أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلاْمْرِ شَىْء مَّا قُتِلْنَا هَـٰهُنَا [آل عمران:154].
وقد عدّ القرآن هذه المواقف الانتهازية من المنافقين خيانة لأهل الإسلام بإسلامهم إلى الأعداء ومسارعة إلى الكفر ونصرة له قال الله تعالى لنبيه بعد أن سجل على المنافقين جرمهم وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَـٰرِعُونَ فِى ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِى ٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإيمَـٰنِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عمران:176، 177].
وفي غزوةِ تبوك :
في ظرف من أدق وأشق الظروف التي مرت على الدعوة الإسلامية في عهد الرسالة نما إلى مسامع المسلمين في المدينة في أواخر عمر الرسول أن أكبر قوة في الأرض آنذاك تعد لسحق المسلمين في دارهم وطي صفحة الإسلام من التاريخ بتخريب مدنه واجتياح أرضه وتقتيل أهله وتشريدهم.
لقد تواردت الأنباء إلى الرسول بأن نصارى الروم على وشك القدوم ؛ فقرر الرسول أن يباغت القوم بالحرب قبل أن يكملوا الاستعداد، وفي وقت نضج فيه الثمر وطاب فيه المقام مع شدة الحر، ندب الرسول الناس للنفير دفاعاً عن الإسلام المستهدف من أعتى عدو في العالم آنذاك، فاستجاب الصادقون المخلصون خفافاً وثقالاً رغم المكاره، وأطاعوا أمر الرسول في تقدير شجاع لخطورة الموقف. فتحرك النفاق الذي كان يتوق إلى يوم تتهاوى فيه قلعة الإسلام وتسقط راياته ؛ فجاءت سورة التوبة التي تسمى أيضاً بالفاضحة والمبعثرة لأنها فضحت وبعثرت أسرار المنافقين ، جاءت السورة حافلة بأخبار النفاق وسلوك المنافقين لترسخ في أفهام المسلمين أهمية أن يتفقدوا صفوفهم ويختبروا بطانتهم ، حاملين قبس القرآن ليكشف لهم بإيضاح وجلاء ماهية ونوعية وسجية المنافقين حتى يكونوا منهم على حذر، ويكونوا لجهادهم والتصدي لهم على أهبة واستعداد. قال تعالى : يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ
عقوبة المنافقين في الدنيا والآخرة
قال تعالى : بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ( النساء 138 )
وقال تعالى : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ( النساء 145 )
وقال تعالى : وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ( التوبة 68 )
وقال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المصير ( التوبة 73 )
وقال تعالى : لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ( الأحزاب 24 )
وقال تعالى : لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ( الأحزاب 73 )
وقال تعالى : وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ( الفتح 6 )
وقال تعالى : سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ َأَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ( المنافقون 6 )
وقال تعالى : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ( النساء 145 )
واجبنا تجاه المنافقين
واجبنا ألا نسمع إعلان المنافقين ولا نصدقهم في ادعاءاتهم على أهل الحق ، وأن نجاهدهم بكل ما أوتينا من قوة كما قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ( التحريم 9 ) ، وقال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا ( الأحزاب 1 ) , وقال تعالى : وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ( الأحزاب 48 )
ممارسات بعض عناصر حركة فتح ضد المقاومة ( بالأرقام والوثائق )
لو تداعى المصلحون المخلصون من الدعاة وطلبة العلم إلى عقد مؤتمر يتدارسون فيه أخطر ظاهرة مُني بها المسلمون في تاريخهم لما وجدوا ظاهرة أشد خبثاً وأسوأ أثراً من النفاق والمنافقين.
لا فارق بين نفاق الأمس ونفاق اليوم من حيث الجوهر، أما الظروف فقد اختلفت، فالنفاق بالأمس البعيد أيام تمكين الدين كان ذُلاً يستخفي، وضعفاً يتوارى ، وخضوعاً مقموعاً يمثله عمالقة أقزام ورؤوس أزلام، حيات وعقارب موطوءة تكاد ألاّ تنفث السم إلاّ وهي تلفظ الحياة.
كان تمكين الدين وقتها يمكّن المؤمنين من جهاد أولئك الأسافل باليد واللسان والقلب وبإقامة الحدود، فلا يُرى أحدهم إلاّ وهو محاصر مكدود، أو محدود مجلود.
أما اليوم، فالنفاق صرح ممرد، وقواعد تتحرك، وقلاع تُشيّد، إنه اليوم دولة بل دول ذات هيئات وأركان، إنه أحلاف وتكتلات وكيانات، بل معسكرات ذات قوة وسلطان، سلطان سياسي واقتصادي وإعلامي وثقافي، يمارس الضرار في كل مضمار.
إن النفاق اليوم له قيادة، وهذه القيادة تخطط وتنظم حركتهم، ويغذونهم بالباطل والكفر، والقرآن يسمي هذه القيادة بالشياطين وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ قَالُوا ءامَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَـٰطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ [البقرة:14]، وقادة المنافقين قد يكونون ممن يتسمون بالإسلام وقد يكونون من الكفرة أو من اليهود أو من النصارى أو غيرهم وهم يتصلون بالمنافقين في ديار المسلمين شرقيها وغربيها عبر قنوات خفية مستورة، وبذلك يكون المنافقون أخطر على المسلمين من الكفرة المستعلنين، فقد أثبت التاريخ يوماً بعد يوم أن نكبة الأمة بالمنافقين تسبق كل النكبات وأن نكايتهم فيها وجنايتهم عليها تزيد على كل النكايات والجنايات، فالكفر الظاهر على خطره وضرره يعجز ـ في كل مرة يواجه فيها أمة الإسلام ـ أن ينفرد بإحراز انتصار شامل عليها ما لم يكن مسنوداً بطابور خامس من داخل أوطان المسلمين ويتسمى بأسماء المسلمين، يمد الأعداء بالعون، ويخلص لهم في النصيحة، ويزيل من أمامهم العقبات، ويفتح الأبواب.
وهذه بعض الأخبار حول نفاق حركة فتح وتعاونها مه الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية الداعمة له :
الكونجرس الأمريكي يخصص 570 دولاراً لتدريب قوات حركة فتح !!!
تم تكوين فرق تُدعى ( فرق الموت ) تحت إشراف محمد دحلان ـ قبل هروبه إلى مصر ـ قامت بكل من : انتهاك حرمات الشعب وإطلاق النار والسرقة واختطاف اثنين من حرس إسماعيل هنية وتعذيب رجال المقاومة المعتقلين وإطلاق النار على إسماعيل هنية ومحاولة قتله عند معبر رفح ونهب الأموال التي كانت في حوزته !!!
تم الحصول على وثائق تؤكد صلة أجهزة المخابرات التابعة لحركة فتح والأمن الرئاسي بجميع عمليات الاغتيالات السابقة للمجاهدين من أبناء الشعب الفلسطيني مثل الشيخ أحمد ياسين ود / الرنتيسي وغيرهما !!!
تم العثور على إشارات على أجهزة الكمبيوتر المركزية تحدد وترصد مكاتب ومواقع المجاهدين والمكاتب الخاصة بحركة حماس متصلة مباشرة بشركة أمن إسرائيلية تابع للمخابرات الإسرائيلية !!!أكدت أمريكا دعمها لحركة فتح وللرئيس أبي مازن بعد حل حكومة حماس ووعدت بفك الحصار !! تدخل سافر في الشئون الداخلية وتحدً سافر للديمقراطية التي أتت بحماس إلى الحكم !!
الحكومة المصرية تنقل مقر سفارتها من غزة ـ معقل حماس ـ إلى رام الله ـ معقل حركة فتح ـ ( طبعاً طاعة للأوامر العليا ).
كما صرحت مصادر ألمانية بأن المخابرات الأمريكية كلفت دحلان ـ قبل هروبه إلى مصر ـ بتصفية قيادات حركة حماس .
محاولة لفهم ما جرى في غزة
بقلم : فهمي هويدى
هل الذي حدث في غزة انقلاب أم أنه إجهاض لانقلاب؟ هذا السؤال ألح عليَّ بشدة حين تجمعت لدى مجموعة من الشهادات والوثائق المهمة ذات الصلة بالموضوع. وها أنا أضع خلاصاتها وبعض نصوصها بين يديك، كي تشاركني التفكير في الإجابة عن السؤال.
(1)
يوم الخميس الماضي 14/6 نشرت صحيفة "يونجافليت" الألمانية تقريراً لمعلقها السياسي فولف راينهارت قال فيه إن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش خططت منذ فترة طويلة لتفجير الأوضاع الداخلية الفلسطينية، وتحريض تيار موال لها داخل فتح على القيام بتصفيات جسدية للقادة العسكريين في حركة حماس. وقد تحدث في هذا الموضوع صراحة الجنرال "كيث دايتون" مسؤول الاتصال العسكري الأمريكي المقيم في تل أبيب، في جلسة استماع عقدتها في أواخر مايو الماضي لجنة الشرق الأوسط بالكونجرس الأمريكي.
وفي شهادته ذكر الجنرال دايتون بأن للولايات المتحدة تأثيراً قوياً على كافة تيارات حركة فتح وأن الأوضاع ستنفجر قريباً في قطاع غزة، وستكون عنيفة وبلا رحمة. وقال إن وزارة الدفاع الأمريكية والمخابرات المركزية ألقتا بكل ما تملكان من ثقل، في جانب حلفاء الولايات المتحدة و"إسرئيل" داخل حركة فتح. كما أن تعبئة الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لرئيس السلطة الفلسطينية ضد حماس، تمثل خياراً استراتيجياً للإدارة الأمريكية الحالية. وهو ما يفسر أن الكونجرس لم يتردد في اعتماد مبلغ 59 مليون يورو لتدريب الحرس الرئاسي في بعض دول الجوار، وإعداده لخوض مواجهة عسكرية ضد حركة حماس.
أضاف المعلق السياسي للصحيفة الألمانية أن التيار الأمريكي الإسرائيلي داخل فتح لم ينجح رغم كل الدعم السخي الذي قدم إليه في كسر شوكة حماس. وهو ما دفع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى استدعاء خبرتها السابقة في جمهورية السلفادور، وتوجيهها للعناصر الفتحاوية المرتبطة بها لتشكيل فرق الموت لاغتيال قادة وكوادر حماس، وتحدث راينهارت في هذه النقطة عن خيوط كثيرة تربط بين فرق الموت والحرس الرئاسي الفلسطيني والمستشار الأمني النائب محمد دحلان، ونسب إلى خبيرة التخطيط السياسي بالجامعات الإسرائيلية "د. هيجا ياو مجارتن" قولها إن دحلان مكلف من وكالة المخابرات المركزية وأجهزة أمريكية أخرى، بتنفيذ مهمة محددة، هى تصفية أي مجموعات مقاومة ل"إسرائيل" داخل وخارج حركة حماس.
(2)
في 10 يناير الماضي، وجه رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية رسالة إلى رئيس السلطة أبو مازن، نصها كما يلي:
نهديكم أطيب التحيات، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد. لقد توافرت لنا بعض المعلومات في الآونة الأخيرة، تشير إلى خطة أمنية تهدف إلى الانقلاب على الحكومة والخيار الديمقراطي للشعب الفلسطيني. ويمكن إيجاز هذه المعلومات في النقاط التالية:
- إدخال كميات ضخمة جداً من السلاح لصالح حرس الرئاسة، من بعض الجهات الخارجية، بمعرفة ومباركة من أمريكا و"إسرائيل".
- تشكيل قوات خاصة من الأمن الوطني تقدر بالآلاف لمواجهة الحكومة الفلسطينية والقوة التنفيذية واعتماد "مقر أنصار في غزة" مقراً مركزياً لها.
- تجهيز هذه القوات بالسيارات والدروع والسلاح والذخيرة وصرف الرواتب كاملة للموالين.
- تعقد اجتماعات أمنية حساسة لعدد من ضباط الأمن الفلسطينى في مقر السفارة الأمريكية حيث تناقش فيها خطط العمل.
- البدء بإجراءات إقالة لعدد من الضباط واستبدالهم بشخصيات أخرى، مع العلم أن لجنة الضباط هي المختصة بهذه الشؤون، كذلك تعيين النائب محمد دحلان من طرفكم شفوياً كقائد عام للأجهزة الأمنية، وفي ذلك مخالفة قانونية.
- تهديد الوزراء ورؤساء البلديات بالقتل، حيث تم الاعتداء على الوزير وصفي قبها وزير الأسرى، وإعلامه عبر مرافقه أن الاعتداء القادم سيقتله. وكذلك تم تكليف أحد ملياردي فتح من غزة بتصفية الوزير عبد الرحمن زيدان ـ وزير الأشغال والإسكان مقابل 30 ألف دولار.
الأخ الرئيس: بناء على ما سبق وغيره الكثير من المعلومات التي نمتلكها، فإننا نعبر عن بالغ أسفنا إزاء ما ورد، حيث إن ذلك يهدد النظام السياسي الفلسطيني، والنسيج الوطني والاجتماعي ويعرض القضية برمتها للخطر. نرجو منكم اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لحماية شعبنا وقضيتنا، ونحن سنظل أوفياء وحريصين على وحدة الشعب ولحمته ـ وأقبلوا وافر التحية ـ.
في الوقت الذي أرسل فيه السيد إسماعيل هنية هذا الخطاب إلى أبو مازن، كانت أمامه معلومات محددة حول بعض تفصيلات الإعداد للخطة الأمنية، التي منها على سبيل المثال: تعيين محمد دحلان قائداً عاماً للأجهزة الأمنية ـ اختيار 15 ألف عنصر من الموالين، لتشكيل قوة خاصة في الأمن الوطني لمواجهة حماس ـ دخول150 سيارة جيب مزودة بأجهزة الاتصال اللاسلكي ـ توفير 2000 مدفع كلاشنكوف اضافه إلى ثلاثة ملايين رصاصة ـ وتوفير الملابس الخاصة والدروع للقوة الجديدة ـ إعادة بناء كافة الأجهزة الأمنية وإقالة 15 من قادتها واستبدالهم بآخرين موالين ـ إقالة 185 من ضباط الأمن الوطني لتنقية صفوف الجهاز من غير الموثوق في موالاتهم.
إلى جانب هذه المعلومات، كانت هناك مذكرة بخط الفريق عبد الرازق المجايدة (منسق الأجهزة الأمنية) كتبت على ورقة تحمل ختم ديوان الرئاسة، تحدثت عن مطالب موجهة إلى الأجهزة الأمنية وخاصة الأمن الوطني، تضمنت سبعة بنود، من بينها وضع خطة العمليات وفرز الـ15 ألف عنصر المرشحين للقوة الجديدة، وحصر كميات الأسلحة والذخائر المتوافرة.
في هذا الجو المسكون بالشكوك والهواجس، أصدرت وزارة الداخلية تصريحاً صحفياً في 6/2 الماضي، أعربت فيه عن استنكارها وإدانتها للطريقة التي يتم من خلالها إدخال السيارات والمعدات اللوجستية من المعابر الحدودية بصورة سرية وبتعتيم مريب، على نحو يتم فيه تجاوز الحكومة ووزارتها المختصة. وذكر البيان أن وزارة الداخلية تحمل الجهات التي تقف وراء هذه العملية كامل المسؤولية عن أية تداعيات تنجم عن هذا الأسلوب المرفوض وطنياً وقانونياً.
(3)
يوم 6/6 نشرت صحيفة "هاآرتس" أن جهات في حركة فتح توجهت أخيراً إلى المؤسسة الأمنية في "إسرائيل" طالبة السماح للحركة بإدخال كميات كبيرة من العتاد العسكري والذخيرة من إحدى دول الجوار إلى غزة، لمساعدة الحركة في معركتها ضد حركة حماس. وأضافت الصحيفة أن قائمة الأسلحة والوسائل القتالية تشمل عشرات الآليات المصفحة والمئات من القذائف المضادة للدبابات من نوع "آر.بى.جى"، وآلاف القنابل اليدوية وملايين الرصاصات. كما ذكرت أن مسؤولي فتح تقدموا بطلباتهم في لقاءات مباشرة مع مسؤولين إسرائيليين، كما أن المنسق الأمني الأمريكي الخاص في المناطق الفلسطينية المحتلة الجنرال كيث دايتون نقل طلباً مماثلاً إلى "إسرائيل".
وأضافت الصحيفة أن "إسرائيل" سمحت لفتح في السابق بتلقي كميات من الأسلحة شملت 2500 بندقية وملايين الرصاصات.. وقد تقرر إدخال الآليات المصفحة التي لا تعتبر سلاحاً يشكل خطراً على الدولة العبرية. لكنها استبعدت الموافقة على طلب تلقي قذائف صاروخية، لخشيتها في أن تقع بيد حماس.
نقلت الصحيفة عن الرئيس أبو مازن قوله في أحاديث مغلقة إن أمله خاب من رفض "إسرائيل" السماح بإدخال الأسلحة المطلوبة لفتح، وأضافت أن ثمة خلافاً في الرأي داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بخصوص الموضوع، خصوصاً أن غالبية خبراء جهاز الأمن العام (شاباك) ومكتب تنسيق شؤون الاحتلال يعتقدون أن فتح ضعيفة للغاية في القطاع، وقد تنهار في المواجهة مع حماس، رغم الجهد الذي يبذله النائب محمد دحلان لتشكيل وتعزيز قوة مسلحة جديدة لفتح، تسمى القوة التنفيذية، رداً على تنفيذية حماس.
في 13/6 ذكرت صحيفة معاريف، نقلاً عن مصادر في الأجهزة الأمنية، أن سقوط مواقع الأمن التابعة للسلطة في أيدي حماس، يدلل على خطأ الرأي القائل بوجوب تقديم الدعم العسكري لحركة فتح، لأن ذلك السلاح سيعد غنيمة تقع بأيدى حماس، وهو الرأي الذي تبناه "أفرايم سنيه" نائب وزير الدفاع، الذي طالما ضغط على وزير الدفاع للسماح لفتح بتلقي رشاشات ثقيلة لتعزيز موقفها في مواجهة حماس. وأضافت معاريف أن جميع قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية يرغبون في انتصار فتح، إلا أنهم يرون أنه من الخطأ عدم التحوط لنتائج انتصار حماس.
(4)
يوم الجمعة 15/6، وهو اليوم التالي مباشرة لاستيلاء حماس على مواقع الأجهزة الأمنية في غزة، ذكرت النسخة العبرية لموقع هاآرتس على موقعها على شبكة الإنترنت أن كلاً من الإدارة الأمريكية والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفقا على خطة عمل محددة لإسقاط حكم حماس، عن طريق إيجاد الظروف التي تدفع الجمهور الفلسطيني في قطاع غزة لثورة ضد الحركة. وأشارت الصحيفة إلى أن خطة العمل، التي تم التوصل إليها بين "الجانبين" تضمنت الخطوات الآتية:
1- حل حكومة الوحدة، وإعلان حالة الطوارئ، لنزع الشرعية عن كل مؤسسات الحكم التي تسيطر عليها حماس حالياً في قطاع غزة.
2- فصل غزة عن الضفة الغربية والتعامل مع القطاع كمشكلة منفردة، بحيث تقوم الإدارة الأمريكية وعباس بالتشاور مع "إسرائيل" والقوى الإقليمية والاتحاد الأوروبي لعلاج هذه المشكلة، ولا تستبعد الخطة أن يتم إرسال قوات دولية إلى القطاع.
3- تقوم "إسرائيل" بالإفراج عن عوائد الضرائب، وتحويلها إلى عباس الذي يتولى استثمارها في زيادة "رفاهية" الفلسطينيين في الضفة، إلى جانب محاولة الولايات المتحدة إقناع "إسرائيل" بتحسين ظروف الأهالي في الضفة لكي يشعر الفلسطينيون في قطاع غزة بأن أوضاعهم لم تزدد إلا سوءاً في ظل سيطرة حركة حماس على القطاع، الأمر الذي يزيد من فرصة تململ الجمهور الفلسطيني في القطاع ضد حماس، وبالتالي التمرد عليها.
4- اتفق عباس والإدارة الأمريكية على وجوب شن حملات اعتقال ضد نشطاء حماس في الضفة الغربية، من أجل ضمان عدم نقل ما جرى في القطاع إلى الضفة.
5- إحياء المسار التفاوضي بين "إسرائيل" والحكومة التي سيعينها عباس في أعقاب قراره حل حكومة الوحدة الوطنية.
أشارت الصحيفة إلى أن أبو مازن حرص على إطلاع مصر والأردن على القرارات التي توصل إليها قبل إعلانها، مشيرة إلى أن أبو مازن طالب الدولتين بتأييد قراراته وقطع أي اتصال مع حكومة حماس في القطاع.
في الوقت ذاته، خرج كبار المسؤولين في "إسرائيل" عن طورهم وهم يشيدون بقرار أبو مازن حل الحكومة وإعلانه الطوارئ، فقال وزير الحرب الإسرائيلى عمير بيرتس وزير الحرب ـ قبل تعيين باراك مكانه ـ إن ذلك القرار ساهم في تقليص الآثار السلبية جداً لسيطرة حماس على القطاع، واعتبر أن الخطوة تمثل مصلحة استراتيجية عليا ل"إسرائيل".
من ناحية أخرى ذكرت صحيفة "معاريف" في عدد الجمعة 15/6، أنه في ظل قرار أبو مازن حل حكومة الوحدة الوطنية، فإن "إسرائيل" تدرس بإيجابية إمكانية الإفراج عن مستحقات الضرائب التي تحتجزها، لكى تحولها إلى الحكومة الجديدة. وأشارت الصحيفة إلى أن "إسرائيل" قد تعلن عن قطاع غزة ككيان عدو، ومن غير المستبعد أن يتم قطع الكهرباء والماء عن القطاع، خصوصاً إذا استمر إطلاق الصواريخ منه.
على صعيد آخر قالت "إسرائيل" إنها تراهن بقوة على تعاون الدول العربية، ورئاسة السلطة الفلسطينية معها في عدم السماح لحركة حماس بترجمة إنجازاتها العسكرية إلى مكاسب سياسية، معتبرة أن التطورات الأخيرة تحمل في طياتها تحولات إقليمية بالغة الخطورة على "إسرائيل". وقال الجنرال عاموس جلعاد مدير الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلي والمسؤول عن بلورة السياسة الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية وقطاع غزة إن "إسرائيل" تحتاج أكثر من أي وقت مضى لمساعدة الدول العربية، وتحديداً مصر في مواصلة خنق حركة حماس، سيما بعد إنجازها السيطرة على كامل قطاع غزة، معتبراً أنه في حال لم يتم نزع الشرعية عن وجود حركة حماس في الحكم، فإن هذا ستكون له تداعيات سلبية جداً على "إسرائيل". وفي مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية ظهر الجمعة 15/6، عدد جلعاد مطالب "إسرائيل" من الدول العربية بشأن إحكام الخناق على حركة حماس، معتبراً أن الدول العربية "المعتدلة" مطالبة بنزع أي شرعية عربية أو دولية عن حكومة الوحدة الوطنية وعدم إجراء أي اتصالات معها، وأن الحصار العربي لحكومة الوحدة الوطنية هو مطلب أساسي وحيوي لنجاح الحصار على الحكومة الفلسطينية. وحذر جلعاد من أنه في حال لم تقدم الدول العربية على هذه الخطوة، فإن الكثير من دول العالم ستعترف بوجود حماس في الحكم وستستأنف ضخ المساعدات للفلسطينيين.
أضاف الرجل أن أبو مازن أصبح مهماً للغاية ل"إسرائيل" الآن، إذ هو وحده الذي يستطيع تقليص الآثار السلبية لسيطرة حماس على غزة. غير أن بنيامين إليعازر وزير البنى التحتية قال في تصريحات للإذاعة إن على "إسرائيل" أن تتحوط للوضع الدراماتيكي الجديد بكل حذر. وشدد على وجوب بذل كل جهد ممكن لإقناع الدول العربية بالوقوف إلى جانبها في حربها ضد حماس. في ذات الوقت أشار عوديد جرانوت معلق الشؤون العربية في القناة الأولى للتليفزيون الإسرائيلي ظهر الجمعة إلى أن قرار أبو مازن بحل حكومة الوحدة الوطنية يمثل مصلحة ل"إسرائيل" من حيث إنه يعنى إسدال الستار على اتفاق مكة..
هل فهمت ما فهمته أنا؟